حواديت بالجول | عندما شجعت مدينة ميدلزبره منتخب كوريا الشمالية

يقدم لكم موقع بالجول، خلال شهر رمضان عدد من القصص المثيرة في عالم الساحرة المستديرة، لتسلية متابعينا الاعزاء خلال الشهر الكريم والبداية من كأس العالم 1966.

بطولة كأس العالم لكرة القدم 1966 بإنجلترا هي البطولة الثامنة في تاريخ المونديال، وأكثرها غرابة، وإثارة بداية من تصفيات البطولة، إلتى شهدت العديد من المشاكل، مرورًا بسرقة كأس البطولة تحت حراسة مشددة، ثم إيجاد الكلب بيكلز للكأس، وهدف إنجلترا في النهائي، بمرمى ألمانيا، والذي يظل حتى يومنا هذا مسار جدل واسع ما بين تجاوز الكرة خط المرمى أو لا.

لكن قصتنا اليوم عن علاقة عاطفية ربطة جمهور نادي ميدلزبره، بمنتخب كوريا الشمالية، لكن أولًا لنأخذ نظرة سريعة على مشوار المنتخب الكوري في تصفيات كأس العالم 1966.

تصفيات 66 .. مقاطعة وعنصرية ونتائج عريضة

شهدت تصفيات بطولة كأس العالم 1966 العديد من المشاكل أهمها مقاطعة جميع منتخبات قارة أفريقيا وآسيا للتصفيات المؤهلة بسبب ما رأوه ظلماً من الاتحاد الدولي لكرة القدم في توزيع المقاعد حيث خصصت مقعدًا واحدًا فقط للقارتين مجتمعتين (أي نصف مقعد لكل منهما)، بينما حصلت قارة أوروبا على 9 مقاعد وأمريكا الجنوبية 4 مقاعد.

لكن انسحاب منتخابات إفريقيا لم يكن بسبب عدد المقاعد فقط، بل لضم دولة جنوب إفريقيا ضمن التصفيات، الخاصة بالقارة، على الرغم من طردها من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) بسبب نظام الفصل العنصري في عام 1958، بينما انسحب منتخب كوريا الجنوبية من التصفيات، لأسباب لوجستيه، بالإضافة، لمخاوف من عدم المشاركة في أولمبياد 1969، والخوف من الهزيمة أمام جارتهم كوريا الشمالية، التى لم تلعب أي مباراة في التصفيات إلإ مواجهتين ضد إستراليا في دولة كمبوديا، وفاز الكوريون في اللقاء الأول بنتيجة 9/2، وفي اللقاء الثاني بنتيجة 6/1، ليتأهل المنتخب الكوري الشمالي، إلى نهائيات كأس العالم 1966، لأول مرة في تاريخ الدولة، الأمر الذي لم يتكرار حتى كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا.

من عدم الإعتراف.. إلى عشق دائم

علاقة إنجلترا الدولة المستضيفة للبطولة، لم تكون على ما يرام مع كوريا الشمالية، بسبب دعم إنجلترا، لدولة كوريا الجنوبية في حربها مع الجانب الشمالي.

شهدت البطولة استخدام أسم كوريا الشمالية بدلًا من الجمهورية الديمقراطية الشعبية الكورية، بالإضافة إلى عدم ظهور العلم الخاص بكوريا في ختام حفل الافتتاح.

وقع منتخب كوريا الشمالية، في المجموعة الرابعة مع كل من الاتحاد السوفيتي وإيطاليا وتشيلي، في ملعب أيريسوم بارك بمنطقة ميدلزبره.

مشاركة دولة كوريا الشمالية، لقت اهتمام كبير من الصحافة الكورية، وتغطية إعلامية واسعة، مما جذب الجمهور الإنجليزي لمتابعة تدريبات المنتخب الكوري، ومبارايتهم كذلك، خاصة أن المنتخب الكوري يرتدى القميص الأحمر وهو نفس قميص نادي ميدلزبره.

أنت ترتدي نفس ألوان ميدلزبره، سنصرخ من أجلك. “ألدرمان جاك يوثبي عمدة مدينة ميدلزبره”

في أول مباراة لمنتخب كوريا الشمالية، واجه الاتحاد السوفيتي، وسقط بثلاثية دون رد، لكن الأمور زادت سوداوية، في المباراة الثانية، عندما تأخروا أمام تشيلي، بهدف دون رد، من ركلة جزاء، للمنتخب التشيلي، في لقاء وضح فيه حب جمهور مدلسبره، للمنتخب التشيلي، عندما ساد الصمت، في الملعب، حتى الدقيقة 88، عندما سجل باك سيونج جين، هدف التعادل الذي جعل الجماهير تملىء جنبات الملعب صراخ، وتشغل الأضواء فرحًا بهدف التعادل.

هدف التعادل كان مثل إضائة الكهرباء بعد إنقطاعها، الجمهور صرخ بكل قوته من الفرحة يبدو أن جمهور مدينة ميدلزبره تعلق بالمنتخب الكوري، كانوا يهتفون لهم في كل كرة ويشجعهم على الهجوم بحماس شديد “الصحافة الإنجليزية عقب المباراة”

مباراة إيطاليا، كانت حاسمة وكانت كل التوقعات الطبيعية هي فوز إيطاليا والتأهل للدور التالي، ولكن محاربي التايجوك، كان لهم رأي آخر، تحت أنظار 15 ألف من جمهور ميدلزبره الذي جاء من أجل كوريا الشمالية و3000 مشجع إيطالي على ملعب إيريسوم بارك، سجل اللاعب باك دو إيك هدف اللقاء الوحيد في الدقيقة 42 من الشوط الأول، ومع صافرة النهاية، صرخ المعلق “بي بي سي” فرانك بوج “لم يشاهد هذا الملعب كل هذا الدعم منذ سنوات طويلة”.

بعد انتصار مهم وغير متوقع تأهل بكوريا الشمالية إلى الدور التالي، قدم منتخب التايجوك، الشكر لجماهير مدينة ميدلزبره على دعمهم الكبير، والذي ساهم في وصولهم إلى ربع النهائي في أول مشاركة بالمونديال.

لكن الدعم لم يقف إلى هنا، بل تنقل محبي نادي ميدلزبره نحو ملعب جوديسون بارك في ليفربول، ليكونوا خلف منتخب كوريا الشمالية، في مواجهة ربع النهائي أمام البرتغال، والتى كادت أن تصبح معجزة، بعد تقدم كوريا الشمالية بثلاثية نظيفة في أقل من نصف ساعة، لكن كتيبة البرتغال بقيادة الأسطورة أوزيبيو، كان لهم رأي آخر بخماسية قلبت الأمور، وأنهت رحلة كوريا الرائعة في المونديال الأول.

قصة كوريا الشمالية في كأس العالم 1966، هي من الأساطير، في ميدلزبره حتى الآن نتذكرهم بحرارة وأنا سعيد بذلك. “ستيف جيبسون رئيس نادي ميدلزبره”

في عام 2002 تجمع لاعبي كوريا الشمالية وعادو في زيارة إلى مدينة ميدلزبره، وتعم عرض قصتهم عبر فيلم سنمائي، بالسينما الرئيسة في المدينة، وسط أجواء احتفالية كبيرة، وتزينت شوارع ميدلزبره بأعلام كوريا الشمالية.

تظل أصوات هتافات مواطني ميدلزبره منذ عام 1966 حية في ذاكرتنا نتذكر بوضوح سكان المدينة الذي رحبوا بنا بحرارة، وحماس، دعمونا في مباراة إيطاليا، وسافروا خلفنا، إلى ليفربول. “مقدمة كتاب وثائقي عن رحلة منتخب كوريا الشمالية في كأس العالم 1966”.